لقد سئمتُ من
الانتظار
كانت تستمتع
بالاستيقاظ دون الحاجة لضبط المنبه؛ فقد استغرق الأمر وقتًا حتى تعتاد على ذلك،
لكن أخيرًا نجحت. ومع بزوغ الفجر، تأملت بإعجاب شروق الشمس خلف الجبال. رتبت
بيتها، وضبطت سريرها، ونظفت أسنانها، ومشطت شعرها. أعدت توستًا للأطفال، ولم تترك
طاولة الإفطار دون إعداد، ثم رتبت المنضدة وأخذت الأطفال إلى غرفهم. وكانت الحقائب
معدة منذ الليلة الماضية.
وفي السرير، خاطبت زوجها النائم
قائلة:
«فاروق،
أنت أسوأ من الأطفال، هيا استيقظ، نحن متأخرون!»
وكان الأطفال
وسينم قد استعدوا بالفعل ونزلوا للأسفل، فانتظروا فاروق في السيارة. وبعد انتظار
طويل، وعندما وصل زوجها، قالت:
«آه،
لقد سئمت من الانتظار. قد تُترَك النساء في الانتظار، لكنني أنتظرك دائمًا.»
فرد عليها
فاروق:
«ماذا
لي أن أفعل؟ الأمور هكذا. ربما ما تحتاجينه هو الانتظار أيضًا.»
كانت سينم
امرأة مجتهدة وسريعة؛ إذ إنجاز الأمور لم يكن لها مجال للتأجيل. كانت تبدأ في
العمل على الفور، وهي صفة إيجابية
بحد ذاتها، إلا أنها كانت تتعجل
مما يؤدي إلى الوقوع في الأخطاء والشعور بالإحباط. وبسبب عجالتها، لم تكن تتلقى
الدعم من أحد؛ فهي لا تمنح الوقت، ولا تُسامح، ولا تحتمل الأخطاء. كانت تعيش
حياتها كما لو أنها تحاول اللحاق بقطار شارد، وتطلب من من حولها أن يلحقوا
بإيقاعها فورًا.
لم يكن قرار
"هل نفعل ذلك أم نتوقف؟" يخفف من توترهم، بل كانوا يعيشون في حالة من
القلق الدائم. لم تستطع دفع الآخرين للتحرك؛ كانت تُرهق نفسها ولا تستطيع
الانتظار، بل وتبتعد عن ذاتها. وإذا لم تلاحظ تحركهم في الوقت والمستوى الذي
تريده، كانت تنتقدهم بلا هوادة. فكل شيء كان يجب إنجازه على الفور: تلك القمامة
تُرمى دون تأخير، وتلك الأماكن تُنظف حالًا، وكل الواجبات تُنجز فورًا. ففي فترة من الفترات، رتبت دروس خصوصية في الرياضيات
لابنتها، وكانت تتوقع تحسنًا فور الحصة الثانية؛ وإذا لم يأتِ النجاح، كانت تغير
المعلم مرارًا. وكان طلب الثريا التي أعجبتها يُقدم فورًا، وكانت خطة العطلة تُحجز
في التاريخ الذي تريده. ولم تكن تتحمل الانتظار عند الإشارة الحمراء، فكانت تدق
بإيقاع «هيا هيا».
لم تعد تسمع
عبارات "انتظر، دعيني أتعامل مع الأمر، سنحلها"، لأنه مهما حاول الآخرون
فلن يكون الأمر على ما يرام؛ وكانت تقول:
«في
النهاية سأقوم بالأمر بنفسي، فمن الأفضل ألا أرهق نفسي.»
فكانت تحاول اللحاق
بكل شيء، لكن العديد من الأمور كانت تبقى ناقصة. وكانت تصر على السيطرة الكاملة، فتثقل على عاتقها كل ما
يجب أو لا يجب فعله، ثم تنهار تحت وطأة تلك الأعباء. ولآلام كتفيها لجأت مرارًا
لجلسات التدليك والعلاج الطبيعي، لكن الحل لم يكن دائمًا.
بينما كانت سينم
متسرعة، كان فاروق هادئًا؛ فهل يمكن أن يكون هذا مجرد صدفة؟
في نظر سينم،
كان فاروق رجلاً بطبعه هادئ؛ إذ لم يكن يتعجل في إنجاز الأمور، بل كان يجد صعوبة
في بدءها، لكنه حين يبدأ عمله، يكمله بثبات وبخطوات واثقة وإن كانت بطيئة.
ومرة أخرى،
بعد انتهاء العمل، ذهب فاروق ليستلم سينم من مقر عملها ويتجهان إلى المنزل.
فقالت:
«فاروق،
أنت كالسلحفاة! لقد أرهقتني؛ ففي عشر دقائق من الطريق ستجعلني أنام.»
وفي اليوم
التالي، قررت سينم الذهاب إلى العمل بالسيارة بنفسها. شغّلت الموسيقى ونظرت إلى
الساعة، لتدرك رغم كونها بمفردها أنها متأخرة.
«يا
للأسف! تأخرت، يجب أن أسرع»، فكرت.
وفجأة لم
تنتبه للسيارة التي ظهرت أمامها، وكانت تصرخ: «ها أنا قادمة نحو حادث!»
ولحسن الحظ،
لم يُصب أحد بأذى.
وتضررت الصدام
الأمامي والمصابيح للسيارة.
باندفاع وحرج،
اتصلت بفاروق قائلة:
«حبيبي،
لقد تعرضت لحادث؛ هل يمكنك أن تأتي؟ أنا لست على ما يرام.»
كان لدى فاروق
الكثير مما يمكن قوله في تلك اللحظة، لكنه اكتفى بأخذ نفس عميق ثم قال:
«أرسل
موقعك، أنا قادم، أتمنى لك الشفاء، ولا تجهدي نفسك.»
وكانت سينم
تقول لزوجها:
«أنت
غير مبالٍ، أنت لا تنضج أبداً، بطيء؛ وأنا أتأخر دائمًا بسببتك.»
فكيف يمكنها
الآن مواجهة وجهه؟ كانت تخجل من ذلك.
يقول علم التصميم الخبرات:
«يُعطى للإنسان الذي يمتلك فن الانتظار نتائج الأسباب التييخلقها.»
هل تُثمر
الشجرة بمجرد زرعها؟
هل يكبر القط
الصغير فجأة؟
هل يطير
الطائر فور خروجه من البيضة؟
هل ينضج
الإنسان في لحظة؟
هل يستطيع من
لا يمتلك فن الانتظار أن يدرك ما يحتاجه؟
هل يمكنه
تلبية احتياجات الآخرين دون الانتظار أو قسوة على نفسه؟
هل من المجدي
لمن يحاول فعل كل شيء بنفسه أن يكتفي؟
هل يمكنه
النضوج أو أن ينمي الآخرين؟
حدد وقتًا،
وركّز على الأسباب دون التفكير في النتائج؛
وتذكّر أن
السيطرة ليست بيدك.
كن مرنًا
وحضّر البيئة المناسبة للإنسان؛ انتظر،
فربما لن
يتغير أمره أبدًا، وإن تغير،
ركز على دورك،
بقدر ما تستطيع وبالإيقاع الذي يناسبك.
انتظر! بصبر، دون تعجل
===
استراتيجيات لتصميم مستقبلنا، بناءً على تجارب الماضي.
ومن خلال ندواتها "من هو"، و"الإتقان في العلاقات"، و"علم نفس الناجح"، فإنها تعلم الأشخاص الذين يريدون أن يكونوا سعداء وناجحين الأساليب التي يحتاجونها لحل مشاكلهم وتحقيق أهدافهم.
"هناك شيء واحد فقط في الحياة لا يمكن اكتشافه أبدًا: شيء أفضل..."
===
Yorumlar
نرجو أن نكون من الصابرين على الأمور الحقّة…
بارك الله فيكم أيها الكاتب العزيز، شكرًا لجهودكم.